قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
52877 مشاهدة print word pdf
line-top
باب فضل العلم


باب فضل العلم.
قال: حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم .


فضيلة لعمر -رضي الله عنه- وفي هذا تعبير هذه الرؤيا، رؤيا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤيا منامية، ولكن رؤيا الأنبياء وحي، كما جاء ذلك في أحاديث فرأى في منام هذه الرؤيا أنه أتي بهذا الشراب فشرب منه، هذا الشراب الذي هو اللبن من أفضل الأشربة، ومن أسباب الهداية في حديث الإسراء يقول: لما أسري بي أوتيت بقدحين قدح خمر وقدح لبن فاستشرت جبريل فقال: خذ اللبن فشربت منه فقيل: هديت وهديت أمتك لو شربت الخمر لغويت أمتك فجعل شرب اللبن من أسباب الهداية، كذلك في هذا الحديث ذكر أنه شرب من ذلك القدح يقول: حتى إني لأجد في يخرج من أظفاري أعني الامتلاء من هذا الشراب امتلاء من العلم بمعنى أن العلم الذي كان من آثار هذا الشراب عم جسده حتى وصل إلى أظفاره.
العالم إذا قيل: إنه عالم، قيل: قد امتلأ جوفه من العلم، وإذا امتلأ فإن هذا العلم الذي في جوفه يمتد في بشرته، ويجري في عروقه، ويصل إلى لحمه وإلى عظمه، يعني كأنه يقال: هذا كله علم بشرته وجلده ولحمه وشعره وجوفه؛ هكذا يؤول هذه الرؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى فضله عمر بن الخطاب سألوه ماذا أولت هذا؟
فقال: العلم، عمر -رضي الله عنه- من أعلم الصحابة، في زمانه كانت الفتيا إليه دائما أو كثيرا، وكان إذا نزلت به نازلة يسأل عنها من حوله من الصحابة فيضم علمهم إلى علمه، فوفقه الله -تعالى- ؛ يدل على ذلك كثرة فتاواه وكثرة أحاديثه،- وإن كانت أقل من غيره- وسبب قلتها بالنسبة إلى ابن عمر وغيره أنه مات متقدما قبل أن يشتغل التابعون بتتبع العلماء، وقبل أن يحرصوا على تعلم ما عندهم من العلم، فإن التابعين اهتموا بالعلم في زمن متأخر- يعني بعد عهد الخلفاء الراشدين- صاروا يحرصون على العلم، ويأتون إلى من عندهم علم من الصحابة ويأخذون من هذا ومن هذا ومن هذا.
أما في العهد المتقدم فإنهم كانوا يكتفون بعلم الصحابة الموجودين، فيقولون: لا نحتاج إلى علم وهم موجودون، من حصل له مسألة أو احتاج إلى فتوى فإنه يأتي إلى فلان وإلى فلان من الصحابة فيجد عندهم ما يكفيه من الجواب السديد، ولكن بعدما قل الصحابة قالوا: لا بد أن نأخذ ما عند الباقين، حتى يحتاج إلينا فنعلم الأحكام عندما يحتاج إلينا كما احتيج إليهم، وإلا فعمر -رضي الله عنه- لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ أن أسلم في السنة الثالثة بعد النبوة –كما قيل- معنى ذلك أنه بقي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين بمكة وعشر سنين بالمدينة .
مع هذه المدة الطويلة لا بد أنه تحمل عنه العلم الكثير، وقد اهتم بعلمه كثير من الصحابة كابن عباس -رضي الله عنه- فإنه كان يكثر من الرواية عنه، وإن لم يسمه، وكذلك أيضا عبد الله بن عمر كان ينقل عن عمر أحاديث كثيرة من التي حضرها عمر ولم يحضرها ابنه عبد الله وغير ذلك من فضائله.
لعلنا نقف عند هذا، بقية الكتاب لعله في دورة أخرى معنا أو مع غيرنا -إن شاء الله- والله أعلم، وصلى الله على محمد .
الأسئلة
س: هذا سائل يسأل: فضيلة الشيخ، في حديث ... عن جرثوم بن ناشر –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء -رحمة بكم غير نسيان- فلا تبحثوا عنها يقول هل هذا الحديث يثبت صفة السكوت لله -عز وجل- مع أن الله –سبحانه- من صفاته صفة الكلام؟
نقتصر في الصفات على ما ورد، ونثبت لله -تعالى- ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم-. جاء في هذا الحديث: وسكت عن أشياء رحمة بكم -من غير نسيان- فلا تبحثوا عنها، فأثبت السكوت يعني أنه لم يبينها وذلك لأنه بين ما هو مجمل، فلا تبحثوا عن الأشياء التي إذا تبينت قد يكون بيانها فيه شيء من الغلظ، وما أشبه ذلك، فالسكوت هاهنا كونه لم يبينها ولم يفصلها تفصيلا -رحمة بكم- من غير نسيان، فنثبت لله هذه الصفة كما أثبتها، وتفسر هذه الجملة بالآية الكريمة في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ يعني: لا تتقعروا فتسألوا عن أشياء فينزل فيها حكم يشق عليكم، اسكتوا عما سكت الله عنه، واعملوا بما ظهر لكم من غير أن تتقعروا في المسائل.
س: يقول سائل: ... وبعد يومين أحرم من جدة فهل عليه شيء؟
من كان من خارج الحدود أو خارج المواقيت لزمه أن يحرم من الميقات إذا مر به وهو عازم على العمرة بحج أو عمرة رجلا أو امرأة، فإذا خافت المرأة –مثلا- أن يعرض لها عارض كحيض أو نفاس أو نحو ذلك؛ فإنها تشترط، وأما الذين لا يحرمون إلا من جدة فالأصل أنهم تجاوزوا الميقات؛ فأحرموا بعدما تجاوزوه فيلزمهم دم لكونهم تركوا واجبا من الواجبات.
هذه المسألة غير واضحة ولكن يرجع فيها إلى الأصل أن من مر بميقات لزمه أن يحرم، ومن تجاوزه وهو عازم على الإحرام وأحرم بعدما تجاوزه فإن عليه دمًا، أما إذا تجاوزه وقام في جدة حتى زال العذر ثم رجع إلى الميقات وأحرم منه فلا شيء عليه، أما إذا خافت المرأة عذرا أو خاف الرجل عائقا واشترط فإن له أن يشترط، وله ما اشترط أن يقول: محلي حيث حبستني، والله أعلم.

line-bottom